تحولت بعض المدارس من مؤسسات تربوية تلقن فيها الأخلاق والقيم النبيلة، إلى بؤر للصراع بين المعلم والمتعلم، وقد أصبح اعتداء التلميذ على الأستاذ مظهرا “روتينيا” اعتاد عليه التلاميذ والأساتذة وحتى الإداريون، خاصة مع صمت مطبق من طرف الوزارة التي “فشلت” في احتواء الظاهرة، واكتفت باستحداث لجنة مماثلة للجنتين اللتين استحدثتا في عهدي الوزيرين السابقين أبو بكر بن بوزيد وعبد اللطيف بابا أحمد.
ضرب بالأيدي والرأس واعتداءات بالحجارة والأسلحة البيضاء
”الكشف عن نتائج لجنة محاربة العنف المدرسي في مارس المقبل”
أوضح مصدر مسؤول بوزارة التربية الوطنية، لـ«الخبر”، أن نتائج اللجنة المكلفة بمحاربة العنف في الوسط المدرسي ستكشف عن مقترحاتها شهر مارس المقبل، لكي تطبق في أسرع وقت. وأفاد بأن الوزيرة نورية بن غبريت عملت على استحداث اللجنة من أجل رفع مقترحات كل الأطراف لدراستها، وذلك بعد أن ثبت أن الظاهرة ارتفعت خاصة في بعض المؤسسات التربوية، مفيدا بأن هناك إجراءات أخرى تطبق على المستوى الوطني، على غرار الاتفاقية المبرمجة مع مصالح الأمن الوطني، والقاضية بتأمين أكثر من 1200 مؤسسة تربوية تصنف في خانة “الخطيرة”.
تلميذ يشبع أستاذته ضربا بسبب منعه من دخول القسم، وآخر يعتدي على أستاذه بسبب طرده من المدرسة، فيما يعتدي ولي تلميذ على الأستاذ عبر نطحه في رأسه! هي حالات وأُخرى كثيرة لا تقع في قاعات الملاكمة ولكن داخل الحرم المدرسي، الذي يفترض أن يكون الجو الذي يتعلم فيه التلميذ الأخلاق الحميدة، وتحت أنظار زملائه والأساتذة والإداريين معا.
منذ بداية السنة الدراسية الجارية وقعت حوادث عنف تسبب فيها تلاميذ، ولم يكن الضحية زملاء لهم فقط، ولا أطفالا في مثل سنهم، بل أساتذتهم الذين يشرفون على تعليمهم وتربيتهم! على غرار الحادثتين اللتين وقعتا في سطيف، حيث تعرضت أستاذة بثانوية “بعيطيش، بعين آزال، تبلغ من العمر 24 سنة، إلى اعتداء بالضرب المبرح من طرف أحد تلامذتها، لأنها لم تسمح له بدخول الحصة دون إذن من الإدارة لتأخره، ما تسبب في دخول الطرفين في مناوشات، وينهال عليها بالضرب المبرح، ما استدعى التدخل العاجل للأساتذة الذين دخلوا في إضراب تضامنا مع الزميلة.
كما تعرض أستاذ فيزياء بثانوية العلامة “عبد الحميد بن باديس” بدائرة قجال لسطيف، إلى اعتداء من طرف تلميذ يدرس في السنة الثانية علوم تجريبية، حيث رمى التلميذ حجرا أصاب به الأستاذ على مستوى الرأس عند مدخل الثانوية، ما أدى إلى سقوطه مغشيا عليه ونقل إلى المستشفى الجامعي بسطيف، وقدمت له الإسعافات الأولية.
وبثانوية السعيد حمدين بالعاصمة، تعرض أستاذ إلى اعتداء بالضرب من طرف تلميذ يدرس بتلك المؤسسة التعليمية، واستدعى الأمر تدخل المسؤولين الذين قاموا بطرد التلميذ من المدرسة.
اعتداء آخر قام به تلميذ في ثانوية بأولاد هداج ببومرداس في حق أستاذته الحامل، وهو الأمر الذي استلزم نقلها إلى المستشفى على جناح السرعة، فيما قام زملاؤها الأساتذة بتنظيم وقفة احتجاجية تضامنية معها ومن أجل التسريع في معاقبة التلميذ.
وقبل أيام فقط شهدت متوسطة “مفدي زكريا” بمدينة إيليزي حادثة اعتداء أخرى، حيث قام ولي تلميذ بنطح أستاذة اللغة الفرنسية، الأمر الذي تسبب في إصابتها بجروح على وجهها، قبل أن يتدخل الأساتذة والإداريون معا، ويتم نقل الضحية إلى المؤسسة العمومية الاستشفائية وتم إيداع شكوى لدى مصالح الأمن.
المنسق الوطني لنقابة عمال التربية “أسنتيو”، قويدر يحياوي، لـ”الخبر”
”ضعف التأطير خلق حالة تسيّب في المدرسة”
حسب المنسق الوطني لنقابة “أسنتيو” فإن ظاهرة اعتداء التلاميذ على الأساتذة تطورت بشكل رهيب، خاصة في التعليم الثانوي، فمن مجرد الاعتداءات اللفظية النادرة التي كانت تسجل في وقت سابق، فإن جميع الأطوار صارت معرضة للظاهرة التي تطورت لتصبح اعتداءات جسدية، وخصومات تنتقل إما إلى المستشفيات أو حتى المحاكم.
وعن الأسباب، ذكر مصدرنا أن تطور المجتمع ساهم بشكل كبير في تغير الذهنيات، على غرار تطور المعلوماتية وتغير نظرة الأسرة والمجتمع للمعلم، فبعدما كان هذا الأخير قدوة صار ينكت به.
وعن المسؤول عن تنامي الظاهرة، ذكر قويدر يحياوي أن جميع الأطراف التربوية لها جانب من المسؤولية، غير أنه أكد على دور الوزارة كونها الهيئة الوصية، حيث أنها لم توفر التأطير الكافي من مشرفين ومساعدين تربويين، إضافة إلى توظيف أساتذة خريجي الجامعات، مقارنة بسنوات سابقة كان فيها التوظيف في القطاع يقتصر على خريجي المعاهد والمدارس العليا الذين يتلقون تكوينا متخصصا يمنحهم الكفاءة في التعامل مع التلميذ، حتى تحولت مهنة التعليم للاسترزاق فقط.
وانتقد ممثل “أسنتيو” استحداث لجنة خاصة لمحاربة ظاهرة العنف، متسائلا عن دورها، خاصة أنها تجري لقاءات في قاعات وتجمع بين مفتشين ومسؤولين مركزيين وبين ممثلي النقابات، وهي لجان تشبه تلك التي استحدثت في عهد الوزيرين السابقين أبو بكر بن بوزيد وعبد اللطيف بابا أحمد دون نتيجة.
مديرة مركز البحوث والتطبيقات النفسانية، سميرة فكراش، لـ”الخبر”
”انهيار بعض القيم وراء ارتفاع نسبة الاعتداءات في المدرسة”
قالت مديرة مركز البحوث والتطبيقات النفسانية، سميرة فكراش، إن الظاهرة لها عدة أبعاد، أولها انهيار بعض القيم في مجتمعنا خاصة الاحترام، وهي القيمة التي يفترض أن تنمو في الطفل بداية من الأسرة ثم المدرسة.
كما تطرقت المتحدثة إلى مشكل التخويف والترهيب اللفظي والجسدي الممارس من طرف بعض الأساتذة في المدرسة الجزائرية، حيث قالت إن هاتين الطريقتين تنميان في التلميذ أو الطالب التمرد في أول فرصة تتاح له، خاصة في الفترات الانتقالية وهي المراهقة، وفي المرحلة من الطور الابتدائي إلى المتوسط، ومن المتوسط إلى الثانوي وفي أقسام امتحانات نهاية الطور.
وأوضحت المتحدثة بشأن هذه النقطة أن التلميذ كأنه ينتقم من الأساتذة بسبب تعرضه في فترة سابقة من حياته الدراسية إلى الضغط والتعنيف من طرف الأساتذة، تضاف إليها باقي العوامل المذكورة، على غرار فقدان القيم وتعاطي المخدرات والسجائر وضغوطات الامتحانات، فإن الطريق إلى الاعتداء على الأستاذ يصبح معبدا لدى التلميذ.
ودعت المتحدثة إلى ضرورة مراجعة كل ما يتعلق بالتربية والتواصل مع الأطفال والتلاميذ، خاصة في المراحل الحساسة من حياتهم.
رئيس جمعية أولياء التلاميذ، خالد أحمد، لـ”الخبر”
”اعتداء واحد على الأقل كل شهر”
ذكر رئيس جمعية أولياء التلاميذ، خالد أحمد، أن حالات العنف في المدرسة متعددة، منها اعتداء التلميذ على الأستاذ، وأرجع الأمر إلى ما أسماه “عدم احترام الأستاذ لمشاعر التلميذ وعدم فتح أبواب الحوار لا من طرف الأساتذة ولا الإدارة، وهو التصرف الذي وصفه بـ«السلبي” الذي يولد العنف لدى التلميذ”، كما أشار إلى عامل الضغط الذي يعانيه بعض التلاميذ جراء تحذير الأولياء لهم من مغبة الرسوب أو الطرد.
على صعيد آخر، ذكر محدثنا أن الظاهرة في تنام مستمر، سواء تعلق الأمر باعتداء التلميذ على الأستاذ أو على زملائه، أو اعتداءات أخرى لأشخاص من خارج المؤسسة التربوية على الموظفين داخلها، كاشفا عن تسجيل 100 حالة عنف خلال الفصل الأول فقط، بمعدل حالة واحدة على الأقل في اليوم، خاصة أن الكثير من الحالات لا يتم الكشف عنها.
ضرب بالأيدي والرأس واعتداءات بالحجارة والأسلحة البيضاء
”الكشف عن نتائج لجنة محاربة العنف المدرسي في مارس المقبل”
أوضح مصدر مسؤول بوزارة التربية الوطنية، لـ«الخبر”، أن نتائج اللجنة المكلفة بمحاربة العنف في الوسط المدرسي ستكشف عن مقترحاتها شهر مارس المقبل، لكي تطبق في أسرع وقت. وأفاد بأن الوزيرة نورية بن غبريت عملت على استحداث اللجنة من أجل رفع مقترحات كل الأطراف لدراستها، وذلك بعد أن ثبت أن الظاهرة ارتفعت خاصة في بعض المؤسسات التربوية، مفيدا بأن هناك إجراءات أخرى تطبق على المستوى الوطني، على غرار الاتفاقية المبرمجة مع مصالح الأمن الوطني، والقاضية بتأمين أكثر من 1200 مؤسسة تربوية تصنف في خانة “الخطيرة”.
تلميذ يشبع أستاذته ضربا بسبب منعه من دخول القسم، وآخر يعتدي على أستاذه بسبب طرده من المدرسة، فيما يعتدي ولي تلميذ على الأستاذ عبر نطحه في رأسه! هي حالات وأُخرى كثيرة لا تقع في قاعات الملاكمة ولكن داخل الحرم المدرسي، الذي يفترض أن يكون الجو الذي يتعلم فيه التلميذ الأخلاق الحميدة، وتحت أنظار زملائه والأساتذة والإداريين معا.
منذ بداية السنة الدراسية الجارية وقعت حوادث عنف تسبب فيها تلاميذ، ولم يكن الضحية زملاء لهم فقط، ولا أطفالا في مثل سنهم، بل أساتذتهم الذين يشرفون على تعليمهم وتربيتهم! على غرار الحادثتين اللتين وقعتا في سطيف، حيث تعرضت أستاذة بثانوية “بعيطيش، بعين آزال، تبلغ من العمر 24 سنة، إلى اعتداء بالضرب المبرح من طرف أحد تلامذتها، لأنها لم تسمح له بدخول الحصة دون إذن من الإدارة لتأخره، ما تسبب في دخول الطرفين في مناوشات، وينهال عليها بالضرب المبرح، ما استدعى التدخل العاجل للأساتذة الذين دخلوا في إضراب تضامنا مع الزميلة.
كما تعرض أستاذ فيزياء بثانوية العلامة “عبد الحميد بن باديس” بدائرة قجال لسطيف، إلى اعتداء من طرف تلميذ يدرس في السنة الثانية علوم تجريبية، حيث رمى التلميذ حجرا أصاب به الأستاذ على مستوى الرأس عند مدخل الثانوية، ما أدى إلى سقوطه مغشيا عليه ونقل إلى المستشفى الجامعي بسطيف، وقدمت له الإسعافات الأولية.
وبثانوية السعيد حمدين بالعاصمة، تعرض أستاذ إلى اعتداء بالضرب من طرف تلميذ يدرس بتلك المؤسسة التعليمية، واستدعى الأمر تدخل المسؤولين الذين قاموا بطرد التلميذ من المدرسة.
اعتداء آخر قام به تلميذ في ثانوية بأولاد هداج ببومرداس في حق أستاذته الحامل، وهو الأمر الذي استلزم نقلها إلى المستشفى على جناح السرعة، فيما قام زملاؤها الأساتذة بتنظيم وقفة احتجاجية تضامنية معها ومن أجل التسريع في معاقبة التلميذ.
وقبل أيام فقط شهدت متوسطة “مفدي زكريا” بمدينة إيليزي حادثة اعتداء أخرى، حيث قام ولي تلميذ بنطح أستاذة اللغة الفرنسية، الأمر الذي تسبب في إصابتها بجروح على وجهها، قبل أن يتدخل الأساتذة والإداريون معا، ويتم نقل الضحية إلى المؤسسة العمومية الاستشفائية وتم إيداع شكوى لدى مصالح الأمن.
المنسق الوطني لنقابة عمال التربية “أسنتيو”، قويدر يحياوي، لـ”الخبر”
”ضعف التأطير خلق حالة تسيّب في المدرسة”
حسب المنسق الوطني لنقابة “أسنتيو” فإن ظاهرة اعتداء التلاميذ على الأساتذة تطورت بشكل رهيب، خاصة في التعليم الثانوي، فمن مجرد الاعتداءات اللفظية النادرة التي كانت تسجل في وقت سابق، فإن جميع الأطوار صارت معرضة للظاهرة التي تطورت لتصبح اعتداءات جسدية، وخصومات تنتقل إما إلى المستشفيات أو حتى المحاكم.
وعن الأسباب، ذكر مصدرنا أن تطور المجتمع ساهم بشكل كبير في تغير الذهنيات، على غرار تطور المعلوماتية وتغير نظرة الأسرة والمجتمع للمعلم، فبعدما كان هذا الأخير قدوة صار ينكت به.
وعن المسؤول عن تنامي الظاهرة، ذكر قويدر يحياوي أن جميع الأطراف التربوية لها جانب من المسؤولية، غير أنه أكد على دور الوزارة كونها الهيئة الوصية، حيث أنها لم توفر التأطير الكافي من مشرفين ومساعدين تربويين، إضافة إلى توظيف أساتذة خريجي الجامعات، مقارنة بسنوات سابقة كان فيها التوظيف في القطاع يقتصر على خريجي المعاهد والمدارس العليا الذين يتلقون تكوينا متخصصا يمنحهم الكفاءة في التعامل مع التلميذ، حتى تحولت مهنة التعليم للاسترزاق فقط.
وانتقد ممثل “أسنتيو” استحداث لجنة خاصة لمحاربة ظاهرة العنف، متسائلا عن دورها، خاصة أنها تجري لقاءات في قاعات وتجمع بين مفتشين ومسؤولين مركزيين وبين ممثلي النقابات، وهي لجان تشبه تلك التي استحدثت في عهد الوزيرين السابقين أبو بكر بن بوزيد وعبد اللطيف بابا أحمد دون نتيجة.
مديرة مركز البحوث والتطبيقات النفسانية، سميرة فكراش، لـ”الخبر”
”انهيار بعض القيم وراء ارتفاع نسبة الاعتداءات في المدرسة”
قالت مديرة مركز البحوث والتطبيقات النفسانية، سميرة فكراش، إن الظاهرة لها عدة أبعاد، أولها انهيار بعض القيم في مجتمعنا خاصة الاحترام، وهي القيمة التي يفترض أن تنمو في الطفل بداية من الأسرة ثم المدرسة.
كما تطرقت المتحدثة إلى مشكل التخويف والترهيب اللفظي والجسدي الممارس من طرف بعض الأساتذة في المدرسة الجزائرية، حيث قالت إن هاتين الطريقتين تنميان في التلميذ أو الطالب التمرد في أول فرصة تتاح له، خاصة في الفترات الانتقالية وهي المراهقة، وفي المرحلة من الطور الابتدائي إلى المتوسط، ومن المتوسط إلى الثانوي وفي أقسام امتحانات نهاية الطور.
وأوضحت المتحدثة بشأن هذه النقطة أن التلميذ كأنه ينتقم من الأساتذة بسبب تعرضه في فترة سابقة من حياته الدراسية إلى الضغط والتعنيف من طرف الأساتذة، تضاف إليها باقي العوامل المذكورة، على غرار فقدان القيم وتعاطي المخدرات والسجائر وضغوطات الامتحانات، فإن الطريق إلى الاعتداء على الأستاذ يصبح معبدا لدى التلميذ.
ودعت المتحدثة إلى ضرورة مراجعة كل ما يتعلق بالتربية والتواصل مع الأطفال والتلاميذ، خاصة في المراحل الحساسة من حياتهم.
رئيس جمعية أولياء التلاميذ، خالد أحمد، لـ”الخبر”
”اعتداء واحد على الأقل كل شهر”
ذكر رئيس جمعية أولياء التلاميذ، خالد أحمد، أن حالات العنف في المدرسة متعددة، منها اعتداء التلميذ على الأستاذ، وأرجع الأمر إلى ما أسماه “عدم احترام الأستاذ لمشاعر التلميذ وعدم فتح أبواب الحوار لا من طرف الأساتذة ولا الإدارة، وهو التصرف الذي وصفه بـ«السلبي” الذي يولد العنف لدى التلميذ”، كما أشار إلى عامل الضغط الذي يعانيه بعض التلاميذ جراء تحذير الأولياء لهم من مغبة الرسوب أو الطرد.
على صعيد آخر، ذكر محدثنا أن الظاهرة في تنام مستمر، سواء تعلق الأمر باعتداء التلميذ على الأستاذ أو على زملائه، أو اعتداءات أخرى لأشخاص من خارج المؤسسة التربوية على الموظفين داخلها، كاشفا عن تسجيل 100 حالة عنف خلال الفصل الأول فقط، بمعدل حالة واحدة على الأقل في اليوم، خاصة أن الكثير من الحالات لا يتم الكشف عنها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق